العباءة وحارس (المول ) ..!!

(1)

كان يحلم دائماً أن يدخل ذلك المركز التجاري الكبير، الذي يحتل مساحة واسعة في أجمل وأرقى شارع في المدينة التي يقطنها، إلا أنه هذه المرة مضطر فعلا لولوجه فالماركة التي رآها على زميلة لا توجد إلا في هذا"المول".

(2)

أوقف سيارته في المواقف المقابلة..اقترب من البوابة ، ثم تسلل للداخل بخفة غير آبه بحارس الأمن الذي كان مشغولا في حديث جانبي مع أحد الرواد، ولكنه ما كاد يخطو خطوته الأولى حتى قرع أذنيه صوتاً قوياً مجلجلاً؛ هيه ياولد... وين؟ توقف قليلا ، نظر للخلف ، كان الحارس منفعلاً وبدت ملامح وجهه متجهمة ، ثم أخذت تنفرج شيئاً فشيئاً ، وكأنه يجهد نفسه لكي يبدو مهذبا:
- معليش يأخي ممنوع دخول الشباب.....
- ليش ممنوع!!؟؟
- لا تسألني هذي تعليمات ... وأنت عارف هذا "المول" بالذات خاص بالعوايل .. وممنوع دخول الشباب......
وما الشئ الغير ممنوع عن الشباب!!! أسرها في نفسه ولم يبدها .. شعر بالمهانة وأدرك أنه لا يقو على فعل شئ ،، هم بأن يندفع بأقصى سرعة للداخل بحيث يضيع وسط الزحام ، ولكنه فكّر بالعواقب؛ ماذا لو أن الحارس لحق به، سيكون منظرا مضحكا وغير لائق أمام المتسوقين وستكون "فشيلته" أكبر لو عرفه أحدهم .
لاحظ أنه بين الفينة والأخرى تمر بعض الفتيات ويدخلن دون أن ينبت ببنت شفة مع أن بعضهن تعبر لوحدها.. أدرك أن العباءة هي تأشيرة المرور لتجاوز تلك العقبة الكأداء ، فخطرت بباله فكرة جنونية وشرع في تنفيذها:
اعتذر من حارس الأمن ثم قفل عائداً إلى سيارته وقصد المحل المقابل ، اشترى حذاءً نسائياً وعباءة رأى أنها ستفتح له بوابة الكنز ...


(3)

ذهب إلى بيتهم القريب ، انتابه شعور بالخوف والارتباك ممزوجا بشي من النشوة الناتجة عن روح المغامرة التي اجتاحته ،وهو يتسلل إلى غرفته ، أغلق الباب وراءه، أخذ يكرر لبس العباءة وخلعها ، حتى أيقن أنه أتقنها ، وأنه لن يكون موضع شك. لف عدة دورات بالغرفة مجربا الحذاء ذا الكعب العالي ، صحيح أنه سقط عدة مرات ولكنه استطاع في الأخير أن يخطو خطى أنثوية رائعة دون أن تلتوي قدماه ويسقط.....

(4)

أوقف السيارة في موقف خلفي ، تأكد من أن أحدا لا يراه وهو يهم بالنزول، أحكم وضع العباءة ، تأكد أن النقاب يغطي وجهه كله وأن شاربه الأسود وحاجباه الكثان لا يظهر منهما شيئا ، اقترب من البوابة ، حارس الأمن نفسه، لم يكن مشغولا هذه المرة ، كان مسلطا عينية على المرأة القادمة نحوه بكل ثقة ، خاف بعض الشئ ، كاد أن يتراجع أمام تلك النظرات القوية الخارقة من قبل حارس الأمن ، ولكنه تمالك نفسه ، وتقدم قليلا نحو البوابة ، رجل الأمن القوي لم يقل شيئا ،ولم يفعل شيئا ، فقط كانت عيناه تتابعان ذلك الجسد الفارع وهو يأخذ طريقه بأمان إلى داخل " المول" .